قبل أن تدخل غمار الاستثمار في العملات الرقمية.. كل ما تحتاج معرفته عنها
قبل أن تدخل غمار الاستثمار في العملات الرقمية.. كل ما تحتاج معرفته عنها
دخول دول وشركات كبرى على خط العملات الرقمية، يجعلنا أمام نتائج مختلفة تقلب موازين النظام النقدي العالمي
_في عالم تحكمه قواعد العولمة، وتنقل وسائل التواصل الاجتماعي فيه همسات وتصريحات الكبار من رموز مجتمع الأعمال والشركات الكبرى، توجهت الأنظار بشكل كبير للعملات الرقمية، وخاصة “البتكوين” (Bitcoin)، حيث ارتفع سعرها بشكل جنوني، بعد تغريدات لأحد رجال الأعمال، أو إعلان إحدى الشركات الكبرى، أنها استثمرت نحو 1.5 مليار دولار في “البتكوين”.
_ومنذ أن تجاوز سعر بتكوين ألف دولار، واستمرار المضاربات على هذه العملة صعودا وهبوطا حتى تجاوزت سقف 58 ألف دولار قبل أن تتراجع عن هذا المستوى (بتاريخ 22 فبراير/شباط 2021) وهبطت إلى أقل من 53 ألف دولار، والأسئلة والاستفسارات لا تتوقف عن ماهية هذه العملات وكيفية تداولها.
_وفي هذه السطور، نحاول تسليط الضوء على هذه العملات، وما تثيره من أمور تتعلق بطبيعة اقتصاديات الدول، والوضع بالنسبة للأفراد، وما تمثله من مخاطر عليهم، وما موقف النظام النقدي والاقتصادي العالمي منها، وهل ستحل محل النقود التقليدية في الأجلين القصير والمتوسط؟
_وبطبيعة الحال، كون العالم يشهد معاملة جديدة، فسوف تستمر الأسئلة حولها بكثافة خلال الفترة المقبلة، وهنا نحاول الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بالعملات الرقمية، لعلنا نقدم لكم عبر هذه الإجابات ما يلبي حاجاتكم من معلومات حولها.
ما العملات الرقمية؟
_العملات الرقمية هي نتاج الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وتم ميلادها بنجاح عام 2009، وكانت “البتكوين”، هي العملة الأولى في عالم العملات الرقمية.
_ويتم إصدار العملات الرقمية، بصورة غير مركزية، من خلال خوارزميات رياضية عن طريق برامج الكمبيوتر.
_وتطور العمل بهذه العملات على مدار العقد الماضي، حيث نظمت عمليات تداولها، وضبط الرقابة عليها، من خلال دفتر عام “البلوك تشين” (Blockchain)، يرصد عمليات التبادل ومعرفة كل حساب.
_وتكون هذه البيانات متاحة لكل المتعاملين من خلال كلمة السر واسم المستخدم اللذين يتم الحصول عليهما للمتعامل على الشبكة، وتعد فئة المعدّنين هي عصب سوق العملات الرقمية، لأن أفرادها هم من يقومون بتكوين العملات، أو ما يمكن أن نطلق عليه مُصدري العملات الرقمية.
_وإن كانت البتكوين هي العملة الأولى التي تم إصدارها بين العملات الرقمية، فإن هناك عددا كبيرا من العملات الرقمية، وإن لم تحظ بزخم البتكوين، ومن هذه العملات على سبيل المثال: إيثريوم (Ethereum)، وريبل (Ripple)، ونيم (NEM)، ولايتكوين (Litecoin)، فضلا عن نيو (NEO)، وداش (Dash)، وغير ذلك.
هل تمثل العملات الرقمية حالة انتشار؟
_ما تزال العملات الرقمية، عملة أو سوق صفوة الصفوة، فالتعامل بها ما يزال في مجال المضاربات بشكل كبير، بينما استخدامها كنقود، ووسيلة للتبادل، يحتاج إلى وقت كبير، لأنه حتى الآن التعامل بها كنظير أجر مثلا ما يزال محدودا، كما أن الدول التي سمحت بها كوسيلة للدفع عن المشتريات أو غيرها ما زالت محدودة، وثمة محاولة لتوسعة السوق الخاصة بالعملات الرقمية، لذلك وجدنا البعض يطالب بأن تكون العملات الرقمية هي أداة الدفع للتعاملات على الإنترنت.
_ولكن ثمة قيودا تفرضها بعض الدول على تداول العملات الرقمية، ليس من قبيل التجريم، ولكن من أجل أن يكون لها عملتها الافتراضية الخاصة بها، كما هي الحال في الهند والصين، كما أن ثمة حديثا عن أن كبرى الشركات مثل “فيسبوك” (facebook) وغيرها في طريقها لإصدار عملات رقمية خاصة بها.
لماذا يتوجه الجميع للعملات الرقمية؟
_يمكننا تصنيف المتعاملين في العملات الرقمية، إلى عدة مجموعات، فهناك الدول والحكومات، فمن الدول من قبل التعامل بهذه العملات من أجل السيطرة عليها، ومعرفة حجم التعامل بها، وتشجيع البنوك المركزية على السيطرة عليها، وهناك دول أخرى لا تملك المقومات الفنية التي تمكنها من السيطرة على التعامل بهذه العملات، فلجأت إلى منع التعامل بها، بل وتجريم ذلك.
_وهناك دول أخرى، وجدتها فرصة للتخلص من سيطرة النظام النقدي العالمي، بقيادة أميركا والدولار، وعلى رأس هذه الدول الصين، وبقية الدول المتضررة من السياسات الاقتصادية والنقدية الأميركية، وبخاصة بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
_وثمة توجه من قبل بعض الأفراد، ولكنه غير منظم، ويعكس فقط رغبة لدى هؤلاء الأفراد، يدعون لتشجيع التعامل بهذه العملات للقادرين على استيعاب تكنولوجيتها والتعامل بها، من أجل كسر الاحتكار الأميركي، ويرون أن كسر هيبة الدولار ووجود بديل لا يخضع لسيطرة الدول، بلا شك سوف يؤدي إلى انهيار أميركا، أو على الأقل زوال سلطانها القائم على ظلم الكثير من الدول ونهب ثرواتها.
_وقد تعكس التقسيمات السابقة التوجهات الأيديولوجية، أو مصالح الدول، ولكن هناك فئات أخرى، وبخاصة من قبل المؤسسات والأفراد، تبحث عن الربح، خاصة أن العملات الرقمية سوق جديد، وعادة الأسواق الجديدة أن روادها الأوائل يجنون أرباحا طائلة، لذلك يسعى البعض لينال هذه الميزة.
_ويلاحظ أن الشباب هم الفئة الأكثر إقبالا في التعامل على هذه العملات، بسبب معرفتهم الجيدة بالتكنولوجيا، ومن جهة أخرى، رغبتهم في الربح السريع لتلبية حاجاتهم والتطلع لحياة أفضل، والحصول على وسائل الراحة والمتعة.